jeudi 17 août 2017

أنا البيت

أنا البيت

 كنت تائها فى الوجود
أبحرت على متن زورق بدون شراع
أبحرت والشمس فى كبد السماء
لا أعرف وجهة الشرق من وجهة الغرب
وهل الشمال أمامي أم خلفى
أردت أن أسأل أهل الذكر
أسألهم لعلهم يدلونني على وجهة أوليها
لكن الشاطئ خال من كل ذكر
إلا من أصوات
من يمشى على أربع
أو على اثنين
أو يزحف على بطنه
حتى الطيور اختفت عن بصري
ورغم ذلك أبحرت
لأنني قررت أن أغادر هذا الشاطئ
الذى لا يطمئن إليه قلبي
أبحرت بدون بوصلة
لا عفوا معى بوصلة
لكنها معطلة ابرتها لاصقة بجهة الشرق
وكأنها بلسان حالها تقول لي توجه إلى الشرق
لكن يا بوصلتي المسكينة
أين هو الشرق
فأنت معطلة منذ زمن طويل
و يقولون أن الشرق كذلك معطل
أطلت علي سمكة من الجانب الأيمن من الزورق
ونادتني باسمي
يا ابن آدم أتريد التوجه إلى الشرق
فأنا أدلك
ألم أدل من قبلك جحافل من التائهين
إتبعني لاتخف هى مسألة ثقة
وإلا ستبقى تتحرك على طول الشاطئ
وتظن أنك تبحر نحو الشرق
ولكنك لا تتقدم نحوه قيد ميل
وربما توغلت فى عمق المحيط بدون دليل
فتجد نفسك محاطا بالأمواج من كل الجهات
وقد تفاجئك العاصفة الهوجاء
والمحيط تتداوله العواصف
وإلا ليس بمحيط
بل مجرد بحيرة
هيا إذن
لا تضيع الوقت فى التردد
فإن التردد متبط للعزائم
فقلت فى نفسي
ما دمت أني إتخذت قرار مغادرة هذا الشاطئ
الذى توقفت فيه الكرامة منذ زمان
ما دمت أني أريد وجهة الشرق الذى كان وجهة كل الشجعان
فإلى الأمام
قلت لذراعي لا تخوناني
إياكما والعياء جذفا حتى مطلع الفجر
لا تنيا ولا تفلا
صاحت بي السمكة
هيا فإن الغروب قد أوشك
وأنا لا أبقى قرب الشاطئ عند الغروب
فإن الغرب أكول مفترس غدار
وإنه يغير بدون سابق إنظار
تحرك الزورق وكأن جاذبية تشده إلى السمكة
لا تتركه ينحرف جنوبا ولا شمالا
وشمس الغروب تغمزني أن أترك السمكة
وأن أتبعها نحو الغرب
ومن يقظة السمكة أنها تناديني كلما أحست بفتور يأخذني
إياك وشمس الغروب
إنها مضللة
وإذا بغول المحيط يشق المياه جبلين كالطودين
كاد الزورق أن يغرق وتبتلعه الأمواج
نادى الغول بأعلى صوته الذى يصم آذان الحيتان
لا تتبع هذه السمكة الحقيرة
التى لا تغنى ولا تسمن من جوع
اتبعن أنا القوى الجبار فى هذه البحار
أنا المهيمن على اليايسة كلها
أنا الذى أركعت الأمم كلها
الشرق وما الشرق؟
تلك أمم قد خلت أصبحت أثرا بعد عين
أتريد أن تبحث عن التخلف والتقهقر والتردى
أتريد أن تبقى فى دوامة الأساطير والخرافات
فتوجه إذن إلى الشرق
الشرق الذى عشعش فيه الوهن والسبات
إتبعن يا ابن آدم
فأنا الخلاص
وأنا السعادة
وأنا الخلود
بحثت ببصري عن السمكة
لعلها تملك عصا سحرية
فتبعد الغول عن طريقي
فلم أجدها
حزنت وبكيت
وخفت من هول الإتباع إلى المجهول
وضعت يدي على عيني
حتى لا أرى المسار والمسير
وأحسست بالزورق يسبح فى المحيط بسرعة فائقة
وأنا لا أجرؤ أن أفتح عيني
لكى لا أرى الواقع
ولا أرى الحقيقة المرة
غابت الشمس
وانتشرالظلام بثوبه الأسود على طول السماء وعرضها
ولا أثر للسمكة الهادية
والبوصلة ما زالت معطلة
ولا فيروز فى الأفق يشير إلى الشرق
وحتى الغول اختفى من المحيط
استلقيت على ظهري داخل الزورق
والزورق يتأرجح فى كل اتجاه
أخذني نوم عميق
فخرجت من هول ما كنت فيه
وما إن فتحت عيني على مطلع الشمس
حتى وجدت زورقي يرسو على شاطئ النور
وسمعت البيت يناديني
يا من يبحث عن الشرق
لقد وصلت
ليس إلى الشرق الجغرافي
ولا إلى الشرق التاريخي
ولكن إلى بيت الإيمان
الذى بناه خليل الرحمان
---0---
مطلع الثلاثية
لبيك اللهم لبيك
لا شريك لك لبيك
ان الحمد والنعمة لك والملك
لا شريك لك لبيك
رحاب الهدى يا منار الضياء
سمعتك فى ساعة من صفاء
تقول أنا البيت
ظل الإله
وركن الخليل أبي الأنبياء
أنا البيت قبلتكم للصلاة
أنا البيت كعبتكم للرجاء
فضموا الصفوف
وولوا الوجوه
إلى مشرق النور عند النداء
وسيروا إلى هدف واحد
وقوموا إلى دعوة للبناء
يزكى بها الله إيمانكم
ويرفع هاماتكم للسماء
حامد البشير
يوليوز 2009
   

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire