mercredi 16 août 2017

رجعت لنفسي

 رجعت لنفسي


 قصيدة من قصائد حافظ ابراهيم 
رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي وناديت قومي فاحتسبت حياتي
رموني بعقم في الشباب وليتني عقمت فلم أجزع لقول عداتي
ولدت ولما لم أجد لعرائسي رجلا وأكفاء وأدت بناتي
وسعت كتاب الله لفظا وغاية وما ضقت عن آي به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة وتنسيق أسماء لمخترعات
أنا البحر في أحشائه الدر كامن فهل سألوا الغواص عن صدفاتي
فيا ويحكم أبلى وتبلى محاسني ومنكم وإن عز الدواء أساتي
فلا تكلوني للزمان فإنني أخاف عليكم أن تحين وفاتي
أرى لرجال الغرب عزا ومنعة وكم عز أقوام بعز لغات
أتوا أهلها بالمعجزات تفننا فيا ليتكم تأتون بالكلمات
أيطربكم من جانب الغرب ناعب ينادي بؤدي في ربيع حياتي
ولو تزجون الطير يوما علمتم بما تحته من عثرة وشتات
سقى الله في بطن الجزيرة أعظما يعز عليها أن تلين قناتي
حفظن ودادي في البلى وحفظته لهن بقلب دائم الحسرات
وفاخرت أهل الغرب والشرق مطرق حياء بتلك الأعظم النخرات
أرى كل يوم في الجرائد مزلقا من القبر يدنيني بغير أناة
وأسمع للكتاب في مصر ضجة فأعلم أن الصائحين نعاتي
أيهجرني قومي عفا الله عنهم إلى لغة لم تتصل برواة
سرت لوثة الإفرنج فيها كما سرى لعاب الأفاعي في مسيل فرات
فجاءت كثوب ضمن سبعين رقعة مشكلة الألوان مختلفات
إلى معشر الكتاب والجمع حافل بسطت ؤجائي بعد بسط شكاتي
فإما حياة تبعث الميت في البلى وتنبن في تلك الرموس رفاتي
وإما ممات لا قيامة بعده ممات لعمري لم يقس بمماتِ

000

فما بالك لو بعثت فى هذه الأيام
يا شاعر النيل
يا حافظ ابراهيم
 فترى بنفسك ماذا فعلوا بلغة القرءان
إنها الآن في حصار محكم ضرب عليها
من الخارج والداخل
وشرعت الأيدى تعمل نهارا جهارا
منذ قرنين من الزمن بدعوى فك العالم العربي
من الإستعمار التركي
والعمل على تحديثه وتحريك نهضته
فكان انقلاب محمد على بدعم من القوى الغربية
وكانت البعثات إلى أوروبا التى ستصبح طابورا خامسا
فى خدمة الغرب ومصالحه
وكانت حركة الترجمة المواكبة لحركة الإستشراق
فى حلته الإستعمارية المبطنة فى شكل حملات لدراسة الوثائق
التاريخية والتنقيب على الآثار لأبراز أهمية عهود
ما قبل الفتح الإسلامي
والعمل على تضخيم الإشعاع الحضاري لتلك الفترات
ومقارنتها بالعهد الإسلامي الذى
حسب زعم المغرضين لم يأت بجديد
سوى طمس هوية الشعوب والأمم التى احتلت
من طرف البدو الذين انطلقوا من صحرائهم القاحلة
كالبركان الهائج فأتوا على الأخضر واليابس
ثم بعدها زرعوا فتنة تحرير المرأة حيث رصدوا لهذا
المكر الكبار أموالا باهضة وأقلاما معسولة
وحناجر ساحرة
ثم توجهوا إلى اسقاط الخلافة وفصل جسد الأمة عن رأسها
الذى وصفوه بالمريض وأن العلاج يستلزم
قطعه ليسلم البدن من دائه العضال
ثم فرضوا على الرأس أن يوضع على جسم غريب
قزمي له هوية غريبة
استحدثوا لها لغة تكتب بالحرف اللاتيني
من اليسار إلى اليمين
وكأن الحداثة لاتستوعب إلا من اليسار إلى اليمين
وطردوا اللغة العربية من المركز اتهموها بأنها
رأس الفساد والعقبة الكأداء لكل تقدم نهضوي
ثم انتقلوا إلى فصل الدولة عن الدين
بدعوى أن الوطن للجمبيع
وأن الدين مسألة شخصية
ثم غيروا المناهج التربوية لتساير روح العصر
حسب ادعائهم
وفرضوا لغة المستعمر لتدريس العلوم
وسجنوا لغة الضاد فى دائرة ضيقة
سطحية من فتات العلوم الشرعية
وعملوا على ابعاد الأجيال المتعاقبة من الإرتواء
من الوحى الربانى وعلومه التى وضعها السلف الصالح
وأوهموا الشباب بأن فلاحه فى اتباع الدراسات
التى مكنت الغرب من الإرتقاء والتمدن
كل هذه الفتن عاصرت بداية استفحالها يا ابراهيم
ولكنك لم تشهد عموم بلواها
حتى أنك قد لا تجد حاليا بيتا سلم من أذاها
إلا النزر القليل يطارد بتهمة التخلف والتطرف
وعرقلة التحديث والتمدن
وأصبحت الأمة جثة هامدة لا علاقة لها بهويتها
التى تتمحور حول عقيدتها وشريعتها
وأرضها وتاريخها وحضارتها
وتعبرعنها لغتها وثقافتها
وأريد للغة العربية أن تكون فى الحضيض
إلا في روع وضمير أبنائها البررة
وتصدرت لغة القطب الأوحد كل المحافل
تليها فى المرتبة الثانية لغة الإستعمار القديم الجديد
ثم استنبطوا للمرتبة الثالثة لغة هى محض مسخ
من لهجات لا غربية ولا شرقية
عملت أدوات العولمة على صنعها
لتصبح ذات جذب خلب
على مستوى الروافد الشبابية
وأنشأت لها وسائل إعلامية مأجورة لنشرها
ثم فى المرتبة الرابعة لهجات محلية ما زالت تعانى
من الزحف العولمى
وأخيرا فى المرتبة الخامسة لغة الضاد
كلغة مدرسة ومسجد وتصريف
وليست لغة هوية وعلم وثقافة وحضارة
فهى اللغة الأقل تداولا في بين الناس
خاصتهم وعامتهم
ما لم تشاهده يا ابراهيم هو حال بعض الشرائح
من بنى جلدتى وهى كالديكة تنفخ أوداجها عندما
تتواصل فيما بينها بلغات الشمال وتزرع في وجدان
أبنائها الهيام والغرام والبوح
للغة شيكسبير بدعوى أنها لغة القطب الأوحد
ولغة موليير بدعوى أنها لغة الأنوار
وربما لغة جوبتيرلأنها لغة... حلل وناقش؟
هذه الشرائح لا تستسيغ طعما إلا طعم الآداب والفنون
الوافدة من الشمال وغرب الشمال
وربما شرق الشمال
" وكل ما يفعله الشمال فهو جميل"
شرائح ترفع راية العداء للغة الضاد
وتنادى بتشطيبها من التداول
فماذا تقول يا ابراهيم؟
أليس الوضع أسوأ مما كان عليه أيام كنت
ترثى اللغة العربية؟
بقلم حامد البشير
25 يونيه 2009


  

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire