dimanche 20 août 2017

لغة الضاد

لغة الضاد

لماذا سميت لغتنا بلغة الضاد؟.....ومتى كان ذلك ؟
حرف الضاد أحد حروف الهجاء العربية وله منزلة فريدة بينها
لذلك اختاروه ليكون مميزا للعرب عن غيرهم في لغتهم
أطلقوا اسم الحرف على اللغة العربية ,فقالوا
لغة الضاد ولسان الضاد والناطقون بالضاد 
ومنذ الصغر ونحن نردد:
بلاد العرب أوطانـــــــــــــــــي من الشـــــــــــــــــام لبغدان
ومن نجد إلى يمـــــــــــــــــــن إلى مصـــــــــــــــر فتطوان
لسان الضاد يجمــــــــــــــــعنا بعدنان وقحطــــــــــــــــان 

فلماذا خصوا هذا الحرف بهذه الميزة؟
ومتى كان ذلك؟
أما لماذا خصوا حرف الضاد من بين الحروف , 
فذلك لأسباب أذكر منها
1- صعوبة نطق حرف الضاد لدى غير العرب بل وبعض القبائل العربية .
2- خلو اللغات غير العربية من صوت الضاد تماما
3- عجز الناطقين بغير العربية عن إيجاد الصوت البديل
الذي يغني عن صوت الضاد في لغاتهم
ولكن هذا الاصطلاح لم يكن قديما قدم اللغة العربية
لم يكن معروفا في الجاهلية وصدر الإسلام بل والعصر الأموي ,
لأن التنبه إلى قيمة الضاد في لغة العرب برز منذ تعرب العجم
عجز هذه الأفواج الجديدة والطارئة على اللغة العربية في نطق هذا الحرف
مما جعل علماء اللغة العربية يولونه الاهتمام ويخصونه بالدراسة
ولعل أقدم النصوص التي وصلتنا 
الحديث الذي روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم
(( أنا أفصح من نطق بالضاد , بيد أني من قريش ))
هذا الحديث من جهة المعنى صحيح لا شك فيه
لكن هذا الحديث أدرج ضمن الأحاديث الموضوعة
نحن لسنا بصدد دراسة سند ومتن الحديث لأننا لم نستشهد به
على موضوع ديني يخص العقيدة وحتى لا يخص فضائل الأعمال
إنما فضائل النبي صلى الله عليه وسلم.
أما ما نحن بصدد توضيحه فهو التأريخ لمصطلح لغة الضاد
كان في نهاية القرن الثاني وبداية القرن الثالث وقت تدوين وتقعيد اللغة .
وهذه الفترة الافتراضية هي الفترة التي برز فيها الخليل 
وسيبويه والأصمعي وغيرهم
وهي الفترة التي بدأ علماء اللغة يتحدثون فيها عن حرف الضاد
فهذا سيبويه (183هـ) يقول يعد حرف الضاد ضمن الأصوات غير المستحسنة
ولا الكثيرة في لغة من ترتضى عربيته 
ولا تستحسن في قراءة القرآن ولا في الشعر)
ذلك أن بعض العجم بل وبعض العرب 
يخلطون بين الظاء والضاد في النطق,
قال الأصمعي ( 284هـ) ليس للروم ضاد.
وإزاء هذه الظاهرة (غياب الضاد وإبدال الظاء بالضاد )
 ألف بعض اللغويين رسائل
تميز بين الحرفين ومنها أرجوزة في التمييز بين الضاد والظاء 
لابن قتيبة( 276هـ)
ورسالة (الفرق بين الضاد والظاء للصاحب بن عباد (385هـ)
ومقامة الحريري المكونة من تسعة عشر بيتا 
جمع فيها قدرا كبيرا من الألفاظ الظائية ومنها قوله
أيها السائلي عن الظــــــاء والضاد لكيلا تُضلّه الألفـــــــــــاظ
إن حفظت الظاءات يغنيك فاسمعـها استمـاع امرئ له استيقاظ
هي ظميـــــــــــاء والمظالم والإظلام والظلم واللحــــــــــــــاظ

ورغم بروز هذه الظاهرة ( ظاهرة التأليف في الضاد ) 
وإظهار خصوصية اللغة العربية بها
إلا أنها لم تجعل لغتنا تسمى لغة الضاد بعد
وأغلب الظن أن أبيات المتنبي ( 303-354) التي يفخر فيها يقول:
لا بقومي شرفت بل شرفوا بي وبنفســــــي فخرت لا بجدودي
وبهم فخر كل من نطق الضـــاد وعوذ الجاني وغوث الطريد 
كانت قد مهدت لهذا الاصطلاح فالمتنبي لا يريد بالضاد اللغة العربية
وإنما أراد حرف الضاد بوصفه حرف الفصاحة وفخر كل عربي
إن الضاد كما يقول العكبري لم ينطق بها إلا العرب.
أما جعل الضاد مساوية للغة العربية فهذا في العصور اللاحقة
عندما بدأت الحركات القومية تأخذ طريقها بين العرب
فقد لقيت هذه الظاهرة عناية عند الأدباء في العصر الحديث
لا سيما قصيدة فخري البارودي التي بدأنا مقالتنا فيها.
منقول من الشابكة
000
لماذا تضحك وتشعرني أنك تهزأ بي
كلما خاطبتك بلسان عربي مبين؟
لماذا تجيبني بلسان أقل ما يقال فى حقه
أنه لسان لا شرقي ولا غربي
لسان صنعه تردى المجتمع الذى نعيش فيه
هذا المجتمع الذى تقطعت أوصاله الثقافية والفكرية والحضارية
منذ زمن بعيد بفعل الإقطاع والإستبداد والشعودة
فأصبح لقمة سائغة للإستعمار
الذى عمل كل ما فى وسعه لإغتيال هوية المجتمع 
العقيدية والثقافية والحضارية
هذا المجتمع الذى أصبح قاب قوسين أو أدنى من الزوال الحضاري
بل أصبح مهددا بالإبادة كما تباد الحيوانات والنباتات
هذا المجتمع الذى خرج من التاريخ 
فى الوقت الذى دخلت مجتمعات أخرى إلى التاريخ
من بابه الرسمي الواسع.
ألا ترى أن اللغة العبرية التى كانت بالأمس القريب
لغة طقوس دينية لا أكثر
عمل أهلها بجد واجتهاد
حتى أخرجوها من قبرها, 
فرمموها وقعدوها وأعطوها الأدوات الضرورية
لكى تغادر شرنقتها وتحلق فى أجواء العلوم
والثقافة والمعارف, 
بل وفى مجال الدراسات والأبحاث,
فأصبحت تنافس اللغات الأوروبية القوية 
المسيطرة فى مجالات الذرة وغزو الفضاء وثورة الإتصالات؟
ألا تعلم أن أهل العبرية فى الوقت الراهن
وهم منحدرون من آفاق شتى
منهم الأشكناز من أوروبا الشرقية
ومنهم السفرديم من العالم العربي,
ومنهم كذلك الفلاشا من الحبشة,
كلهم أجمعوا وقرروا ألا يكون التواصل فى مجتمعهم
إلا باللغة العبرية الحديثة, الإيديش,
إن على مستوى التربية والتعليم, 
أو على مستوى الثقافة والفكر والبحث العلم,
أو على مستوى السياسة والإقتصاد, أو القانون والقضاء,
أو على مستوى الأمن والدفاع,
أو على مستوى التواصل الإجتماعي فى البيت والشارع والأسواق
والمنتديات والمؤتمرات والمهرجانات.
لقد نجحوا فى مشروعهم هذا مشروع إحياء اللغة العبرية,
وجعلوها العمود الفقري لهويتهم ووجودهم.
وكذلك الحديث عن الصين, تلك القارة أو شبه القارة 
 التي وصل تعداد سكانها بليون ونصف بليون نسمة يزيد أوينقص,
والتى تتألف من عدة قبائل وشعوب, وملل ونحل,
والتى كانت هى الأخرى, بالأمس القريب جدا, 
يتكلم أهلها عدة لغات ولهجات,
والتى كانت الأمية متفشية فيها حتى النخاع,
والتى كان طلابها يذهبون إلى الخارج ليدرسوا العلوم
بلغات أجنبية مختلفة,
هذه الصين فجرت ثورة داخل مكوناتها الإجتماعية,
الثورة الثقافية التى أراد مخططوها من وراءها
أن تنقل الصين من عهد الضعف والتخلف المشهود, 
إلى عهد القوة والمنعة المنشود
العهد الذى يعتمد أساسا على توحيد اللسان فى كل المجالات,
لتنصهر كل القبائل والشعوب الصينية, فى بوثقة واحدة
تصنع الأجيال القوية, العالمة المنجزة,
الفخورة بلغتها وهويتها ووطنها.
ولقد أصبحت الصين فعلا القوة المالية والإقتصادية الأكبر
باعتراف زعماء الغرب وخبرائه,
بل وأصبحت قوة علمية وتكنلوجية تهدد الآخرين بأفول عهدهم الزاهر.
فمن كان يظن أن العبرية ستفرض وجودها 
بين اللغات الفاعلة فى التاريخ المعاصر,
ومن كان يعتقد أن اللغة الصينية قد تصبح يوما ما لغة يتهافت عليها
شباب الغرب أملا في الحصول على عمل فى الصين,
أو تعاقد مع أهل الصين ينقذهم من شبح البؤس والجوع 
الذى يهدد مجتمعاتهم.
إنني أخاطبك يا ابن بلدي, هل أصغيت إلي...
أم أنك مازلت فى غياهب الجهل
بما يدور حولنا وما يحاك ضددنا؟
إن اللغة, أى لغة, كيف ما كان أصلها وتاريخها وحاضرها,
لا يمكن أن تتغلب على عقمها وضعفها إلا بإرادة أهلها.
فهى قوية بقوة أهلها, وضعيقة بضعفهم.
وأهل اللغة العربية هو أنت وأنا والآخر,
ولا يليق أن ننجر إلى متاهات العرقية 
يعنى أن نعتقد أن اللغة العربية
هى لغة العرب الذين يسكنون الجزيرة العربية لا غير.
هذا خطأ فادح وكيد وتضليل.
إن أبناء اللغة الأنجليزية مثلا, 
ليسوا كلهم منحدرون من الجزر الإبريطانية,
بل العكس هو الصحيح,
فاللغة الأنجليزية هى اللغة القومية لعدة دول 
منتشرة عبر القارات الخمس.
فكذلك اللغة الأسبانية والفرنسية والروسية.
اللغة العربية تتكلمها قبائل وشعوب متفرقة فى كل أرجاء المعمور.
والعربي أو العروبي, لا مشاحة فى الألفاظ,
هو الإنسان الذى اتخذ العربية لغة وجدانه وهويته.
فعليك أن توطن نفسك با ابن بلدي...
عليك أن تختار لغة لوجدانك وهويتك...
المجتمع الذى أنت ثمرة منه 
مجتمع تدين أغلبيته الساحقة بدين الإسلام, 
هذا الدين الخالص القيم الذى قال عنه البارئ سبحانه وتعالى:
" إن الدين عند الله الإسلام"
وقال كذلك:" ومن يبتغى غير الإسلام دينا فلن يقبل منه"
والله تعالى أنزل القرءان بلسان عربي مبين ليتعبد به.
وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب,
فتعلم اللغة العربية واجب على كل مسلم ومسلمة.
وإلا كيف يمكن أن نفهم تعاليم الشرع الحنيف بلغة أعجمية؟
فحذار من السقوط فى دهاليس النعرات,
وحذار من السقوط فى أحضان التغريب أو التشريق معا.
" وأن هذه أمتكم أمة وسطا وأنا ربكم فاعبدون"
فكيف يمكن لأمة أن تكون وسطا 
إن لم تجعل من عقيدتها الركن الأساس لهويتها؟
وكيف لها أن تجعل من هذه العقيدة هويتها 
وهى بعيدة عن لغة القرءان, لغة نبيها العربي؟
با ابن بلدي...ارفع رأسك...وافخر بهويتك...
وصن عقيدتك...وتكلم لغة الضاد,
لغة القرءان...لغة الوجدان.
فالتغييرآت بإذن الله...فلا تكن على جنباته مع هؤلاء المهزومين,
كن من صناع المستقبل المشرق المضئي,
كن مع الذين يؤمنون بالغد الأفضل, ويعملون من أجل تحقيقه.
" ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب
ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إنك لا تخلف الميعاد"
حامد الشير المكي
 دجنبر 2010

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire