mardi 15 août 2017

الأم مدرسة

الأم مدرسة
شاء الله أن يولد حافظ ابراهيم 
على ظهر سفينة فوق نهر النيل,
فارتبط مصيره بهذا النهر العظيم, 
ولقب بشاعر النيل.
وكانت السنة التى رأى فيها النور (1872)
من أب مصري وأم تركية.
كان حافظ ابراهيم يتصف بأخلاق حميدة 
جعلته يحظى بالقبول عند عامة الناس وخاصتهم 
وفى كل المنتديات الأدبية والعلمية وكذلك السياسية.
وأهم هذه الصفات هى كرم النفس الذى يتجلى في تواضعه
وحلاوة الحديث التى رفعت من قدره فى المنتديات,
وروعة الإحماض الذى هو شأن الأدباء والعلماء العظام 
الذين كانوا يتأسون
بسيد البرية محمد بن عبد الله الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام
الذى كان يقول:" إذا مللتم فأحمضوا".
وكان رحمه الله يتمتع بذاكرة خارقة أثارت انتباه كل من عرفه ورافقه
وشهد له بها الخصوم قبل الأصدقاء.
وكان الشعر ينساب من لسانه كانسياب النيل عبر ضفاف الكنانة
هذه نبذة مختصرة جدا عن هذا الشاعر الكبير 
الذى عالج مواضع شتى بأساليب شتى
وكان متميزا في التأليف والأداء
اخترت من ديوانه قصيدة من أروع ما جادت بها قريحته
وهي تعالج تنشئة المرأة وتربيتها وتعليمها
لأنها تشكل المدرسة الأولى لإخراج بناة المستقبل
000 
الأم مدرسة
إنـي لـتطربني الخلال كريمة طـرب الـغريب بـأوبة وتـلاقي
وتهزني ذكرى المروءة والندى بـيـن الـشـمائل هــزة الـمشتاق
فــإذا رزقــت خـلـيقة مـحـمودة فـقـد اصـطـفاك مـقسم الأرزاق
فـالـناس هــذا حـظـه مــال وذا عــلـم وذاك مــكـارم الأخــلاق
والـمـال إن لـم تـدخره مـحصناً بـالـعـلم كـــان نـهـاية الإمــلاق
والـعـلم إن لــم تـكـتنفه شـمائل تـعـلـيه كـــان مـطـية الأخـفـاق
لاتـحـسبن الـعـلم يـنـفع وحــدهمــالــم يــتــوج ربـــه بــخـلاق
مــن لــي بـتربية الـنساء فـإنها فـي الـشرق عـلة ذلـك الإخفاق
الأم مـــدرســـة إذا أعــددتــهــا أعـددت شـعباً طـيب الأعـراق
الأم روض إن تــعـهـده الـحـيـا بــالــري أورق أيــمــاً إيـــراق
الأم أســتــاذ الأســاتـذة الألـــى شـغـلت مـآثـرهم مــدى الآفـاق
أنا لا أقول دعوا النساء سوافرا بين الرجال يجلن في الأسواق
يدرجن حيث أرَدن لا من وازع يحذرن رقبته ولا من واقي
يفعلن أفعال الرجال لواهيا عن واجبات نواعس الأحداق
في دورهن شؤونهن كثيرة كشؤون رب السيف والمزراق
تتشكّل الأزمان في أدوارها دولا وهن على الجمود بواقي
فتوسطوا في الحالتين وأنصفوا فالشر في التّقييد والإطلاق
ربوا البنات على الفضيلة إنها في الموقفين لهن خير وثاق
وعليكم أن تستبين بناتكم نور الهدى ةعلى الحياء الباقي
000
أما بعد
إذا كانت هذه هى حال المرأة فى عهد حافظ ابراهيم
فكيف هو حالها الآن, بعد ثمانين سنة خلت؟
الكل يعرف أن المرأة الغربية, أما كانت أو زوجة أو بنت,
كفرت بقيم الأسرة والمجتمع الغربي الذى كان سائدا قبل عهد الحداثة.
وماذا جنت لنفسها وأهلها ومجتمعها؟
الإنحلال الخلقي, والتخلى عن واجبات البيت, واتباع الشهوات.
فنتج عن هذا إخراج أجيال من المترفين والمتسكعين والصعاليك.
وما الأزمة المالية العالمية إلا نذير شؤم واحد من بين النذر
التى تقرع طبول الإنهيار الكلي.
" وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها
فحق عليها القول فدمرناها تدميرا" قرءان كريم
والتى كانت تسمى بالمرأة الشرقية, سلطوا عليها شياطين الإنس من كل ألوان وأشكال,
فسلبوا منها دينها ومروءتها, ومسخوا هويتها وثقافتها,
وأوهموها بإن خلاصها يكمن فى تقليد المرأة الغربية حذو القدة بالقدة, والنعل بالنعل,
فتركت بيتها إلى الخادمة تعيث فيه فسادا وإفسادا للأبناء,
والنتيجة ما نحن عليه الآن من حداثة متخلفة رديئة.
وإذا كان المفكرون الغربيون يسعون للخروج من فم العفريت,
وهم على يقين تام بأنهم أخطأوا الطريق منذ أكثر من ثلاثة قرون,
فنحن ما زلنا نتغنى بحب ليلى الحداثية.
القصيدة منقولة من ديوان الشاعر رحمه الله
حامد البشير المكي
يونيه 2009

الصور من جحوجل

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire