السيرة الذاتية
المقتضبة
للمهندس الكاتب المفكر
حامد البشير المكي بلخالفي
01
لا إله إلا أنت,
خلقتني وأنا عبدك, وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت. أعوذ بك من شر ما صنعت, أبوء لك
بنعمتك علي, وأبوء بذنبي فاغفر لي, فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت". رواه
البخاري
02
إلى الرجل
الذي أعتز بحمل اسمه ونسبه, الذي رباني وأدخلني الكتاب لأتعلم أصول القراءة
والكتابة, وأدخلني المدرسة لأنهل من منابع المعارف, وواكبني خلال رحلتي الدراسية
والتكوينية, وساعدني على تأسيس بيت الزوجية, وأعانني على تربية أولادي, وكان لهم
جدا حنونا ورفيقا معلما.إلى من زرع في قلبي حب الوطن, وفي وجداني حب
العروبة, وفي كل كياني حب الإسلام ورسول الإسلام وأمة الإسلام. إلى من زرع في نفسي
صدق الحديث وإنجاز الوعد والوفاء بالعهد. إلى من أرغمه اليتم والحرمان على البحث
عن لقمة العيش وهو ما زال طفلا غضا, فلم تسعفه الأيام على ولوج كتاب أو مدرسة,
فأقنعني أن أكون طالب علم مدى الحياة. إلى من أفهمني أن السعادة لا تكتسب بالمال
ولا بالجاه, ولكن بمكارم الأخلاق ونبل القيم وثبات المبادئ.
إلى أبي المعلم
البشير رحمه الله أهدي هذه السيرة الذاتية التي هي غيض من فيض سيرته الجليلة.
03
اخترت لكتابة سيرتي
الذاتية المقتضبة طريقة السرد الكرنولوجي منذ
ولادتي يومه 20 دجنبر 1942 إلى يوم توقفي عن مزاولة نشاطي المهني وذلك مع
مطلع الألفية الثالثة وتحديدا خلال ربيع سنة 2002. والدافع الأساس يتجلى في تلبية
طلب الأستاذة نجاة الزباير حفظها الله ورعاها التي أخذت على عاتقها كتابة ونشر
مؤلف يتعلق بكتابي " أوراق متناثرة من أنامل ساهرة" الذي تم نشره في
بداية 2012 الماضي والذي لقي ترحيبا طيبا من طرف القراء والأدباء والعلماء
والنقاد. ولأن الأمر كذلك فلا يسعني أن أتوسع في التفصيل والإسهاب ليطال السرد كل
الأبعاد والجوانب التي أفرزتها حياتي خلال المدة التي أشرت إليها سابقا. فهي إذا
سيرة مقتضبة بمعنى أنها ستلقي الأضواء على بعض الجوانب وتترك أخرى في الظل إلم تكن
في العتمة إلى إصدار لاحق إن أمد الله في عمري إن شاء سبحانه وتعالى. ورغم قصر هذه
الكرنولوجية فإنها تطمح إلى
إعطاء القارئ لمحة على المسيرة الحياتية التي عشتها, المرحلة الأولى منها كانت
خلال الإحتلال الفرنسي للمغرب, والمرحلة الثانية
تتعلق بسنوات مقاومة الإحتلال وطرده من جل التراب الوطني, ورغم قصر مدة هذه
المرحلة إلا أنها كانت حبلى بالأحداث الجسام والمرحلة الثالثة تتعلق بتحرير
المناطق الجنوبية وبناء الدولة الوطنية وكل ما تلا هذه الحقبة من تطورات بحلوها
ومرها. هذا لا يعني أنني أطلقت العنان لذاكرتي لتفرغ كل ما لديها مما علق بها من
أحداث تمس شخصي المتواضع أو تتعلق بالأسرة التي بنت اللبنات الأولى لكياني مرورا بالبيئة
الحاضنة المتعددة الأبعاد من حارات ومدن عشت فيها وكتاتيب ومدارس درست فيها ومساجد
تعلمت فيها الوجهة والقبلة وأسواق تدربت فيها على قيمة المال وتدبيره وتصريفه
ومؤسسات أخرى اجتماعية وثقافية وسياسية وغيرها. كل هذه الفضاءات أضافت لبنات عديدة
لعبت دورا هاما في تشكيل شخصيتي وطبعتها بخصوصيات ميزتها عن باقي الشخوصات
والشخصيات التي عرفتها على درب الحياة واحتككت بها إيجابا أو سلبا, أخذا أو عطاء. فكما
أشرت فهذه الكرنولوجية هي سيرة ذاتية ليست مختصرة ولا مفصلة ولكن تبقى في حدود
الإقتضاب لتأخذ حيزها من الكتاب الذي أعدته الأديبة نجاة الزباير دون أن تطغى على
فصوله الأخرى.
04
يقع المغرب
في الشمال الغربي للقارة الإفريقية يحده شمالا البحر الأبيض المتوسط وغربا المحيط
الأطلسي كما له حدود مع الجزائر شرقا ومع موريتانيا جنوبا. يتميز المغرب بتنوعه
الجغرافي من جبال ومرتفعات وسهول وشواطئ وصحاري. كما يتميز كذلك بثرواته المعدنية
والنباتية والحيوانية والبحرية. كما أنه يتميز أخيرا بشبابية سكانه حيث أن أكثر من
نصف الساكنة لا يتجاوز عمرها العشرين سنة. والمغرب بلد ضارب في التاريخ حضارة
وثقافة وتمازجا بين عدة إثنيات وفدت من الشرق والشمال والجنوب.
كما أن سكان المغرب
دخلوا في الدين الإسلامي أفواجا منذ عهد الخلافة الراشدة وساهموا في نشر الدعوة
الإسلامية داخل القارة الإفريقية وفي الجنوب الغربي للقارة الأوروبية.
05
لعبت مدينة مراكش دورا
محوريا منذ تأسيسها على يد الأمير يوسف ابن تاشفين حيث كانت عاصمة لإمبراطورية
امتد نفوذها حتى حدود مصر شرقا وجبال البرنس شمالا والساحل الإفريقي جنوبا. وكانت
منارة الإشعاع العلمي إبان الدولة الموحدية حيث كان يفد إليها الطلبة من كل بقاع عالم
الغرب الإسلامي والجنوب الأوروبي.
إلا أن هذه
العاصمة أفل نجمها وفقدت دورها الإشعاعي مثلها مثل باقي المدن المغربية الأخرى, بل
كل حواضر العالم العربي والإسلامي إذ بدأ الخط البياني يميل تدريجيا إلى الانحدار,
وتعرضت الأمة برمتها إلى غزو شرس من قبل الغرب الاستعماري, ما تزال آثره السوداء
بارزة في كل مناحي الحياة تعرقل النهضة الصحيحة بعد الكبوة العنيفة.
06
مدينة مراكش
هي مسقط رأسي والفضاء الذي ترعرعت فيه خلال طفولتي الأولى والثانية وخلال مرحلة
المراهقة. وهى المحلة التي تلقيت فيها أصول القراءة والكتابة في الكتاب أولا وفي المدرسة الحديثة ثانيا, بطوريها الإبتدائي
والثانوي. ورغم أنني غادرتها خلال مرحلة التكوين المهني التي دامت ست سنوات للحصول على شهادة الهندسة المدنية, إلا أنني
أقمت فيها من جديد مدة ست سنوات مارست فيها عملي بصفتي مهندس في مجال بناء السدود.
وبعدها انتقلت إلى الرباط العاصمة حيث باشرت عملي بصفتي رئيسا لقسم الأشغال بمديرية
هندسة المياه. ثم كان رجوعي إلى مراكش بصفة نهائية حيث لم أغادرها حتى اللحظة.
07
يقع المنزل الذي
ولدت فيه بدرب ابن المجاد بحي عرصة إهيري. ودرب ابن المجاد هو زقاق له مدخل يربطه
بدرب سيدي مسعود وليس له مخرج حيث تعترضه خربة ابن المجاد, وهى عبارة عن أطلال غير
مسكونة تستند إلى السور الذي يحيط بمدينة مراكش, من الجهة الغربية الأقرب إلى باب
دكالة. ودرب سيدي مسعود هو طريق مفتوح من الجهتين, يربط عرصة إهيري من الجهة
الغربية بباب دكالة, ودرب النخلة وصابة المبارك ودرب سيدي أبي عمرو المالقي وأخيرا
ساحة رياض العروس. كما يربطها من الجهة الشرقية بعرصة بن إبراهيم, وهذه الأخيرة
لها ارتباط بأربع مناطق وهي الزاوية العباسية وحي سيدي ابن سليمان وحي سيدي أحمد
السوسي وحي سيدي أبي عمرو المالقي.
لم يكن يحظى حي
عرصة ابن إبراهيم بأدنى الشروط العمرانية والمدنية. فلم تكن الطريق معبدة ولا وجود
إطلاقا للكهرباء والماء الصالح للشرب وشبكة تصريف المياه. كانت دور المياه تصب في حفر عادية تفرغ كلما
لمس رب البيت أنها امتلأت. كما أن الماء الصالح للشرب كان يؤخذ من سواقي تابعة
للأوقاف أو في بعض المناطق عبر مضخات وضعتها إدارة الإحتلال لتحسين حالة السكان
الأصليين كما كان ينعتهم المستوطنون آنذاك.
لم يكن المنزل
الذي ولدت فيه ملكا لأبي المعلم البشير, بل كان ملكا
لأخوين منحدرين من قبيلة امتوكه . كانا
صديقين لأبي فأمضى أبي عقد كراء شفويا معهما لمدة مفتوحة. كانت العقود الشفوية
منتشرة آنذاك في المجتمع تنافس العقود المكتوبة, وكان الركن الأساس الذي تعتمد
عليه هو الثقة بين المتعاقدين. وكان العقد الشفوي يتم بحضور شاهدين أو أكثر في بعض
الحالات. كانا الأخوين, السيد عبد السلام والسيد إيدر يتجران في مادتي السكر
والشاي. كان لهما متجر بعرصة المعاش التي كانت لها شهرة كبيرة في مجال المواد
الغذائية عموما والسكر والشاي على وجه الخصوص. وكان كبار التجار في هذا المجال هم
من الطائفة اليهودية. وكان هذا النشاط التجاري يمتد إلى حدود الصحراء المغربية
جنوبا والى الحدود مع الجزائر شرقا.
08
أنا من مواليد
1361 هجرية الموافق 1942 ميلادية, من أبوين مسلمين عربيين, تصعد جذورهما الى قبائل
بني هلال العربية المشهورة بتغريبتها من مهدها الأصلي بالجزيرة العربية الى شواطئ
المحيط الأطلسي مرورا بوادي النيل في عهد الفاطميين. ولدت بمدينة مراكش, بحي شعبي
بالقرب من باب دكالة.
09
درست بالكتاب مدة
سنتين. تتلمذت على يد المعلم حسن رحمه الله فتعلمت الأبجدية العربية وسورة الفاتحة
من القرءان الكريم. ثم نقلني أبي الى كتاب سيدي مسعود فتعلمت بعض السور من الحزب
الأخير من القرءان الكريم, على يد المعلم إبراهيم رحمه الله.
10
خلال أكتوبر سنة 1947, نقلني أبي إلى مدرسة
الباشا الحكومية التي كانت تطبق المناهج التعليمية الخاضعة لتوجيهات سلطة الحماية
الفرنسية, فقضيت فيها سنة واحدة بالصف التحضيري الأول. كانت مدرسة الباشا تدار من
طرف الفرنسيين. وكان المقرر الذي يطبق على التلاميذ مبني على ازدواجية اللغتين الفرنسية
والعربية. ولكن كانت اللغة الفرنسية تحظى بحصة الأسد.
11
وبعدها حولني أبي إلى مدرسة الحياة الحرة
التابعة للحركة الوطنية. قضيت فيها خمس سنوات من الصف التحضيري الأول إلى الصف
المتوسط الأول. كانت هذه المدرسة تعتمد على مناهج المدرسة اللبنانية, وتلقن
اللغتين العربية والفرنسية, إلا أن اللغة العربية كان لها الثقل من حيث الاهتمام
والعناية. كنا نؤدي صلاة العصر جماعة, كبارا وصغارا, وكنا نتعلم ترتيل القرءان
وتجويده.
. في صيف 1952
سافرت أسرتي مع أبي الى مدينة الدار البيضاء قصد قضاء مدة من العطلة الصيفية.
وكانت هذه أول مرة أزور فيها الدار البيضاء. نزلنا ضيوفا عند صديق لأبي كان يبيع
الملابس القديمة في سوق القريعة الذي هو عبارة عن مجموعة دكاكين من الصفيح. فوجئت
عندما أخذني أبي معه لزيارة السلطان محمد بن يوسف في قصره بحي الحبوس. كانت هذه هى
أول مرة أرى فيها السلطان عن قرب. أخذني بين يديه وأخذت صورة لمجموعة الزوار
بالمناسبة.
خلال صيف 1953, أمرت سلطة الإحتلال غلق مدرسة
الحياة وملاحقة طاقمها التربوي. فمن بين المعلمين من اعتقل ومنهم من غادر مراكش في
جنح الظلام الى آفاق آمنة ريثما تمر الأزمة
12
حاول أبي أن يسجلني بمدرسة حرة أخرى بمدينة
الدار البيضاء أو بمدينة الرباط العاصمة, فلم يفلح. فكل المدارس الحرة التابعة
للحركة الوطنية مقفلة أبوابها طبقا لأوامر سلطة الحماية على إثر أحداث 20 غشت 1953,
حيث أقدمت الحكومة الفرنسية على نفي السلطان محمد بن يوسف وأسرته الى كورسيكا ثم
الى تانناريف بجزيرة مدغشقر. أغلب زملائي الذين كانوا يدرسون معي في مدرسة الحياة
اضطروا أن يلتحقوا بمهن آبائهم نظرا لاستحالة ولوجهم مدارس بديلة.
13
استطاع أبي أن يسجلني بابتدائية كوليج سيدي محمد
بن يوسف بباب اغمات بمدينة مراكش, وذلك بعد مرور ثلاثة أشهر على الدخول المدرسي.
التحقت بقسم المتوسط الأول وبعده المتوسط الثاني. كانت الظروف في غاية الصعوبة,
نظرا لأعمال المقاومة التي أجبرت المستعمر على محاصرة المدينة عسكريا وتطبيق منع
التجوال ليلا وتكثيف عمليات المراقبة والتفتيش نهارا, بحثا عن خلايا المقاومة. ما
زلت أذكر أنه خلال حملات الملاحقة والتفتيش في صيف 1954 تعرض أبي رحمه الله الى الإعتقال, وكنت معه من
باب الصدفة, وكان معنا أحد أبناء عمتي. وقتها لم أفهم لماذا اعتقل أبي ووضعت يداه
في الأصفاد وسيق الى مكان مجهول. أخذني ابن عمتي معه وذهب بي الى البيت. لم يجرؤ
أحد من أهلي على القيام بعمل ما من شأنه أن يستكنه ما هى الأسباب والدواعي لهذا
الإعتقال, فأبي كان صارما يرفض رفضا قاطعا أن نتحسس أحواله في أي مجال من المجالات
الحياتية. كان دائما يقول:" إذا حصل وغبت, فلا تسألوا عني. الزموا الصبر
والصمت, ولا تخبروا أيا كان عما جرى, وإذا رجعت فلا تسألوني عن سبب غيابي."
وكان يضيف:" هذا خط أحمر..." رجع أبي في ساعة متأخرة من الليل. كان من
الصعب أن يقرأ أحد منا ما تبديه قسمات وجهه, فكانت تتهللها ابتسامة عريضة. وأنت لا
تستطيع أن تعرف ما يدور في خلده. لم أعرف مجريات اعتقاله والتحقيق معه إلا أواخر
سنة 1955, خلال عودة محمد بن يوسف من المنفى. أخبرني بهذا أحد أصدقائه, فعلمت
وقتها أن أبي كان عضوا في تنظيم مقاوم.
14
انتقلت الى السلك الثانوي بداية أكتوبر 1955
ومكثت في هذا السلك أربع سنوات. كنت من بين التلاميذ الخمس الأوائل المتفوقين. كنا
نحظى بتقدير أساتذتنا واحترامهم. كانت سنة 1956 مليئة بالأنشطة الموازية للدراسة.
كان عمري لم يتجاوز بعد الرابع عشرة ربيعا. تطوعت في الحملة الوطنية لمحاربة
الأمية. كان يشرف عليها معلم الأجيال السيد الطرومباطي رحمه الله. كنت أغادر
الإعدادية في آخر الظهيرة, وألتحق مباشرة بمدرسة الشهداء الإبتدائية لأساعد فوجا
من الكبارعلى تعلم أصول القراءة والكتابة. كان هؤلاء الرجال الأميين جد سعداء بتلك
الحملة التي قد تساعدهم على التحرر من الأمية والجهل. دامت هذه الحملة بضعة أشهر,
ولا أدري ما سبب توقفها. انخرطت كذلك في الشبيبة العاملة التابعة للإتحاد الوطني
للشغل. كنا نلتقي في نادي هذه المنظمة ونتعاطى لعدة أنشطة ثقافية تهدف الى إعادة
تشكيل وعي وعقل الشباب وتنظيفهما من آثار الغزو الثقافي الإستعماري الذى دام أكثر من أربعين سنة.
15
أواخر شهر يونيه 1959 اجتزت مباراة الالتحاق
بالمدرسة الإعدادية للمهندسين بالرباط, فحصلت على الرتبة الأولى لمنطقة الجنوب.
التحقت بهذا المعهد بداية أكتوبر 1959 حيث تلقيت خلال سنتين متتابعتين كل الدراسات
النظرية والتطبيقية اللازمة.
16
انتقلت بعدها الى المدرسة
المحمدية للمهندسين حيث تلقيت لمدة أربع سنوات في مجال الهندسة المدنية كل ما يلزم
من علوم نظرية وتطبيقية تؤهل للحصول على شهادة مهندس. كنت من ضمن الفوج الذي تخرج
في يونيه 1965 .
17
غادرت مرحلة
الدراسة والتكوين ودخلت مرحلة العمل والإنجاز حيث انخرطت في مكتب الإصلاح الفلاحي
فرع الحوز بمدينة مراكش. وشاركت في
الدراسات والأبحاث التكميلية لمشروع سد آيت عادل على نهر تاساوت. دامت هذه الدراسات والأبحاث سنتين اختتمت
بذهابي الى فرنسا لمتابعة إنهاء ملف دراسة سد آيت عادل بمكتب كوهين بيليي بباريز عاصمة فرنسا ثم سد مون سوني الذي يقع في جبال الآلب على
حدود إيطاليا. وتلقيت خلال هذه المدة تكوينا متخصصا في بناء السدود الترابية.
ويمكن القول أنني كنت أول مهندس مغربي تلقى تكوينا في هذا المجال.
18
في بداية صيف 1967
انخرطت في سلك الوظيفة العمومية بوزارة التجهيز مديرية هندسة المياه. التحقت بقرية
آيت عادل حيث الموقع الذي سيقام عليه السد. شاركت في بناء هذا السد وملحقاته من
وضع لبناته الأولى الى إتمام الأشغال.
19
انتقلت بعدها الى
الرباط العاصمة حيث التحقت بالمصالح المركزية بمديرية هندسة المياه بصفة نائب رئيس
قسم الأشغال ثم رئيسه الى غاية شتنبر 1973 .
20
غادرت الوظيفة العمومية
بصفة نهائية لأكون بجانب أبي المعلم البشير رحمه الله وعملنا معا على إنشاء مقاولة للبناء والتعمير مقرها الاجتماعي بمدينة
مراكش. استطاعت هذه المقاولة أن تنجز في وقت وجيز مشاريع عمرانية عدة من بينها
مدارس تربوية وحي جامعي ومعهد لتكوين الأساتذة ومجموعات سكنية ومباني إدارية
ومباني تجارية وغيرها واكتسبت هذه المؤسسة شهرة مميزة على المستوى الوطني.
21
مع بداية سنة 1976
اتخذت قرار إنشاء مجموعة البشير للمقاولات بغية توسيع الأنشطة أفقيا بتنويع التخصصات
وعموديا بتمديدها على كل أرجاء التراب الوطني مع احتمال الانتشار الى ما أبعد من
ذلك. تكونت هذه المجموعة من سبع مؤسسات تتكامل فيما بينها يدعمها مكتب للدراسات
وآخر للمراقبة المالية والمحاسبية.
بقيت المقاولة
الأم تنشط في مجال البناء والتعمير من جهة ومن جهة أخرى تغذي مجموعة البشير
للمقاولات ماديا ومعنويا حتى نهاية سنة 1982 حيث انسحبت نهائيا من الميدان.
22
اتخذنا كذلك أنا
وأبي قرار الاستثمار في القطاع الفلاحي والقطاع العقاري والقطاع التربوي.
فيما يخص الفلاحة
تم تجهيز خمس ضيعات بالطاقة الكهربائية وشبكة توزيع المياه للري ومباني لإيواء
الأبقار والأغنام. ساهم هذا الاستثمار في اقتصاد مدينة مراكش من حيث مد السوق
بالخضر والفواكه واللحوم والألبان.
وعرف الاستثمار
العقاري إنشاء مؤسستين للتجزئة العقارية وثلاث مؤسسات للتنمية العقارية.
أما الاستثمار في
القطاع التربوي التعليمي فساهم في إنشاء مؤسسة خصوصية للتعليم من الحضانة الى
الباكلوريا تحتل مساحة تزيد على 26000 مترا مربعا. فتحت هذه المؤسسة أبوابها في اكتو
بر 1987 وهي من وحدات التعليمية المتميزة لا على المستوى المحلي فحسب ولكن على
المستوى الوطني كذلك, بشهادة الوزارة الوصية.
23
في سنة 1990 تم
إنشاء تعاونية في مجال الزخرفة المعمارية التقليدية ساهمت بأعمالها المتميزة في
المعلمة الكبرى مسجد الحسن الثاني الكبير بمدينة الدار البيضاء.
ومن بين آخر
المنجزات التي قمت بها كانت على مستوى الإستثمار في مجال السياحة حيث تم تجهيز
وحدة فندقية بمدينة مراكش.
24
هذه السيرة
الذاتية المقتضبة التزمت الاختصار الشديد ولم تكشف النقاب عن مواطن عدة من الأنشطة
التي قمت بها وساهمت فيها عبر مسيرتي الحياتية, وهى كثيرة
ومتنوعة, لكن المقام لا
يسمح بالتوسع والتفصيل.
كل الحقوق محفوظة للكاتب
حامد البشير المكي بلخالفي
مراكش 9 ابريل 2013