jeudi 17 août 2017

الأصالة والمعاصرة

الأصالة والمعاصرة

 هى وجهة نظر قابلة لأكثر من رأى
ولكنها حقا ظاهرة نراها رؤية العين تنتشر داخل المجتمع
عموديا من حيث المراحل العمرية
وأفقيا من حيث الفوارق الإجتماعية
 000
معذرة لإستعمال ألفاظ أعجمية
للقدح فى الظاهرة
 الوصف لا يقصد أي شخص بعينه
000 
غريب أمر هذا المجتمع الذى فتحنا أعيننا فيه 
وتأثرنا بعاداته وتقاليده وطقوسه وسلوكياته
غريب في محاسنه لأن له محاسن لا تنكر
وغريب في مساوئه لأن له مساوئ لا تحجب
غريب في تعلقاته بالماضى البعيد والقريب 
يظهر هذا جليا في مراسم الزفاف والعقيقة والوفاة
يظهر كذلك داخل المسجد 
سيما فى صلاة الجمعة وصلاة العيد
وغريب هذا المجتمع في تطلعاته إلى الحداثة 
والأساليب التى يعتمدها لنقل الحداثة من الغرب
وكيف يعمل على عجنها ودلكها وصوغها 
حسب ما يراه مناسبا لهواه
أتذكرهنا قول عبد القادر المازني 
صديق عباس محمود العقاد 
حيث قال بأسلوبه الأدبي الساخر
عندما وصف الرجل المصري 
وتقليده للغرب فى لباسه 
وأنقل ما معناه
عجبا للرجل الشرقي كيف استولت عليه الحداثة 
من رجليه أولا حيث لبس الحذاء الغربي
ثم بدأت تصعد عبر قامته إلى أن وصلت جبهته فتوقفت
حيث احتفظ بطربوشه وصاح فى وجه العالم 
هوه يا ناس  طربوشي يدل على أصالتي 
انتهى كلام المازني بتصرف
فما أزال أرى فى الشارع بعض الرجال وخاصة الشباب منهم 
يتزيون بالزى الغربي
باستثناء الرأس والقدمين 
إذ يضعون على رأسهم طقية 
وعلى رجلهم الحذاء التقليدي
بل هناك من الغرابة ما يرفع من ضغطك الدموي
ترى الشاب بل والمراهق أيضا يلبس بدلة نوم
يخرج من بيته ويجلس فى المقهى ولا يكثرت بما يدور حوله
وما بالك فى من يخرج إلى الشارع مرتديا فيستون من الجلد الأسود
وتحته قميص نوم وعلى رأسه كاسكيت وعلى رجله باسكيت
ومما أدهشني ذات يوم أسرة من أبوين وفتى وفتاة
الأب يرتدى لباسا تتوفر فيه كل مواصفات السمت العربي الإسلامي
والأم كذلك محتجبة ولباسها فى كامل الإحترام والوقار
لكن الغريب هو لباس الفتى آخر موضة شباب الكليبات الأميريكية
والفتاة شبه عارية لايغطى جسمها إلا قطعتين صغيرتين من ثوب شفاف
وشعر الفتى محلوق إلا خصلة طويلة مصبوغة باللون الأصفر
وشعر الفتاة كالمزهرية متعدد الألوان والتشكيلة 
اليمنى مختلفة عن التشكيلة اليسرى
فلا حول ولا قوة إلا بالله
أوشكت أن أصيح فى وجه الرجل يا هذا هل حقا الفتى والفتاة من أهلك
ويمكنك التجول فى كل أرجاء وطني طولا وعرضا
وأعدك بالمفاجآت تلو المفاجآت من هذا الطبخ العجيب للحداثة
وكيف تعددت مظاهرها وأشكالها بتعدد الأهواء والنحل
هذا من حيث السمت واللباس
أما حداثة الجهاز الهضمي فتأخذك الحيرة 
أمام الأطباق الوافدة من كل أنحاء العالم
بدعوى أن العالم أصبح قرية صغيرة
إضافة أن شرائح من بني جلدتي لايتناولون 
إلا الوجبات الخاضعة لحسابات دقيقة
من حيث كمية النشويات والدهنيات
وذلك للحفاض على الرشاقة واللياقة 
امتثالا لتوجيهات المجلات المتخصصة فى هذا الشأن
مثل روتانا وسيدتي وسيتادين وغيرها المنشورة على الأكشاك
بل وتقذف بها الفضائيات ليل نهار داعية المشاهدين والمشاهدات الأوفياء
على الحفاظ على الكنز الثمين الذى لا يعوض
ألا وهو الجسم الذى يجب أن يحظى بالعناية الفائقة
لكي لا يصاب بالذبول ويتساقط كأوراق الخريف قبل العاصفة
ثم إن المشهد الإجتماعي غزته شبكات من نوع آخر
هى قاعات الرياضة المتخصصة 
فى إصلاح ما أعطبته الآفات من مرض وعطب وإهمال وغيرها
وكذلك هيمنة مصحات التجميل 
التى تعد العجوز بمعجزة تردها إلى زاهر عهدها
فتصبح جارية فاتنة تأخذ بلب الفتيان
وكأننا نعيش إحدى فصول ألف ليلة وليلة فى سالف الأزمان
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم 
يسبق الدجال دجاجيل
أو كما قيل
أين هى الأصالة وأين هى المعاصرة؟
لنا لقاء إن شاء الله تعالى
فى جولة لاحقة من هذه الظاهرة المضحكة المبكية
بقلم حامد البشير
يوليوز 2009

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire