mercredi 16 août 2017

انتظار

انتظار

كانت مرحلة عنفوان الشباب
بالنسبة للجيل الذى أنتمى إليه,
ولا أعمم إذ كانت بعض الشرائح منه مشغولة بالإعداد
لإقتحام مراكز القرار
 التى بدأ الإستعمار ينسحب منها
ومنهمكة للجلوس على كراسى الحكم والهيمنة,
ولكن الشريحة التى كنت أنتمى إليها 
كانت مشحونة بالرومانسية الحالمة
وذلك بفعل المخزون الأدبي والفني 
الذى كان يغمر الوجدان كله
ولايترك لمجالات أخرى 
إلا الفتات القليل من الإهتمام,
فشعر عمر ابن ربيعة وقيس ابن الملوح 
وأبي القاسم الشابي
ورسائل جبران خليل جبران إلى مي زيادة
وبعض قصائد أمير الشعراء أحمد شوقي
وكذلك ما كتبه مصطفى صادق الرافعي وغيرهم كثير.
ثم أن الثقافة التى كنا نحمل كانت ثقافة مزدوجة
بمعنى
 أنها تأسست على القاعدة الأدبية العربية 
وطعمتها الآداب الغربية
وهذه الأخيرة فتحت نوافذ على الرومانسية الغربية
فتأثرنا مثلا بلامارتين وألفريد دي فينيي وغيرهما
ثم إن هناك عاملا آخر لابد من الإشارة إليه
وهو مطلع إستقلال الوطن من قبضة الإستعمار الأجنبي
فكان المناخ الإجتماعي الثقافي العام يدعو إلى التفاؤل
وترقب الغد الأفضل
 فكانت لنا أحلام أكبر من قلوبنا الفتية
إنتظار هى محاولة شعرية شاعرية حالمة
حتى فى وقفتها وترقبها
جميلة حتى فى صراعها
مع عقارب الساعة

000
انتظار

الطيور البلابل
تئن
لأني أحن لحلوتي
والنسيم بين الخمائل
يحن
لأني أئن من وحدتي
والماء فى الجداول
يبكي
لأني أشكى انتظاري
وحتى الجدار المائل
يشكى
لأني أبكى انفجاري
لكني سأبقى أنتظر
حبي لن يحتضر
وقلبي لن ينكسر
فقد تقبلين دعوتي
وتأتين يا حبيبتي
الساعة التى أوقفت نبضها
تشهد
أني أنتظر
والدمعة التى منعت سيلها
تؤكد أني أستمر
ستبقى الساعة تنتظر
والدمع لن ينهمر
والقلب لن ينفجر
وحين تأتين يا جميلتي
أسمح بالنزول لدمعتي
نملة سوداء
مرت ومرت
وملت وقفتي
وردة حمراء
خجلت واحمرت
أمام لهفتي
لكن صبري لن ينكسر
ولهفتي ستستمر
وسأبقى أنتظر
وحين تأتين يا وردتي
سأستريح من وقفتي
تغيب الشمس
وتعود البلابل إلى الأوكار
ويسكن الهمس
وينام النسيم بين الأشجار
وأنت أينك يا مهجتي
وتسود السماء
وتترصع بالنجوم
ويضيع الماء
وينام الجدار المكلوم
وأنت ما زلت ترفضين دعوتي
إذن سأرفض الحاضر
وأعود إلى الأمس الزاهر
وقلبي قلبي الثائر
سيترقبك يا نجمتي
حتى تنيرين خلوتي
وساعتي
تود لو تأتين
فتعيد نبضها
ودمعتي
لو تسمحين
لبدأت سيلها
لكن لن تنبض ساعتي
ولن تسيل دمعتي
لأنك ما زلت لم تأت
إذن شئت أم أبيت
سأبقى ههنا أنتظر
فحبي لن يحتضر
وقلبي لن ينكسر
بقلم حامد البشير المكي
 مارس 1958


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire