لا بد لليل أن ينجلى
إلى الشهداء الذين
قدموا أرواحهم الزكية
فداء لكرامة الشعوب
وحريتها
أهدى هذا العمل
المتواضع الذى لن يرقى إلى تضحيتهم.
أرجوا الله العلي
القدير أن يسكنهم فسيح جناته.
000
أنا أعانى من أمراض
تراكمت مع الأيام حتى أصبحت مزمنة
وشكلت حلفا تارة
يهاجمني جبهة واحدة
وتارة يحلو له أن
يتناوب
تشاركه فى ذلك بعض
الأمراض العارضة العابرة
مثل الفرق المرتزقة
التى تقوم ببعض الضربات
وتغادر الميدان
أريد أن أحطم القفص
الذى يمنع أفكاري من الإنعتاق
والتحليق فى عوالم النور
لكن الآلام والأوجاع
كانت دائما بالمرصاد
كانت تقمع أفكاري
وتقهرها
وتدفعها القهقرى داخل هذا القفص اللعين
الذى أكرهه
رغم كل ما
يميزه من رونق وزخرف ولمعان
أفكاري لا تنخدع
بمفاتن الدنيا وألاعيب أهل الدنيا
أفكاري تبحث عن
الحقيقة وتعشقها وتهيم فى هواها
لكن على رأي أمير
الشعراء أحمد شوقي:
وما نيل المطالب
بالتمنى""" ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
قدرأفكاري أن تبقى
حبيسة داخل القفص الرهيب
لكن لا يعنى هذا أنها
تستسلم وتنهزم
وتتبدد وتصبح أثرا بعد عين
وإلا لأصبح القفص
عبارة عن متحف
للأفكار الأثرية التى لم تتحول إلى أعمال
لابد للأفكار أن تزرع
وتنبث وتنمو ويشتد ساقها
ثم تتفرع وتبسط
أوراقها وتثمر وتنضج ثمارها
لكى تنتشر في الآفاق ويحللها النقاد ويتدارسها الطلاب
ما أن يخفف الألم
وطأته حتى تتجمع أفكاري المبعثرة
ملتقطة أنفاسها من جديد
مستمدة قوتها من تلك
الإرادة الصلبة
التى ترافقني منذ ولادتي
تماما مثل الأمراض
التى هى الأخرى ترافقني
منذ الصرخة الأولى عندما غادرت رحم أمي
وقصة ولادتي هذه تحتاج
هى الأخرى إلى تفصيل
لا أريد إدماجه فى هذا المقال
تفاديا للإطالة المملة
التى قد يسأمها القارئ
وقد تنئا به بعيدا عن
صلب الموضوع
أنا الآن أكتب رغم
الآلام التى تحاول العبث بأفكاري
أنا الآن أدون رغم
الأوجاع التى تحاول قطع التواصل
مع محيطي الثقافي والفكري
أنا الآن أشعر بتبعثر
أفكاري
لأن الألم يتجول داخل كياني
ويحاول التشويش على وعيي ووجداني
ويتمترس فى كل مفاصلي
ويتدفق داخل كل شراييني وأعصابي
ولا أخفى أننى مرارا
وتكرارا
كنت أجلس على المقعد الدوار أمام شاشة الحاسوب
واضعا لوحة التحكم بين
يدي بكل رفق وحنان
تاركا أصابعي تلامس
حروفها وأرقامها ورموزها
لعلها تنحت مفردات
وتبنى عبارات
لتخلد بعضا من هموم الناس وآمالهم
فتنفخ روحا فى صفحة
الكترونية عذراء
وتحولها إلى فيروز
فاتنة حسناء
ترقص على نغمات سحرية
تنبعث من بين أمواج
البحر اللجينية
تحت ضوء البدر الباسم.
لقد استرخت الآلام
وهوت الأوجاع
تحت كلكل سبات عميق
فنهضت أفكاري منتهزة
الفرصة
لتعبر عن مكنوناتي المتزاحمة داخل كياني
غير آبهة بما قد
تعانيه
عندما ينفجر من جديد
بركان الأمراض
هيا إذن يا
أفكاري...
إياك أن تضيعي الفرصة
فالحياة ملئ بأحداث
جسام
تتسارع على مر الأيام
بل على دوران عقارب
الساعة الثلاث
أحداث غيرت وجه العالم
من شرقه إلى غربه
ومن شماله إلى جنوبه
أحداث حيرت خبراء
المستقبليات
فألقوا أقلامهم لأن البوصلة أصبحت تدور وتدور
لا تستقر على حال
ولا
تستطيع أن تختار لها وجهة
فأصبح السؤال الأساس
الذى يطرح نفسه بإلحاح هو:
ما هو مستقبل البشرية
على سطح هذا الكوكب الصغير؟
بعدما فشل النظام
العالمي على كل الأصعدة:
فشل فى وضع حد لتلوث
البيئة
فشل فى وضع حد للفقر
والعوز
فشل فى وضع حد للظلم
والعنف
فشل فى وضع حد للفتن
والمحن
وربما الأحرى أن تعاد
صياغة السؤال كالتالي:
ما هو المجال الذى حقق
فيه هذا النظام
نجاحا يستحق الذكر والتنويه؟
إن هناك ظاهرة أصبحت
جلية
لا تحتاج إلى دليل أو إثبات
ظاهرة صحوة الشعوب
التى بدأت تتلمس طريقها من جديد
بعدما فقدت ثقتها من
كل الأيدلوجيات وأخواتها
وملت اللسان المعسول
والقلم المأجور
صحوة لا تستثنى بقعة
من المعمور دون غيرها
حتى لا يعتقد أن هذه
البقعة هى الإستثناء الذى يؤكد القاعدة
فثورة الشعوب انبثقت
من مشكاة واحدة
وانبجست من عين واحدة
لها نفس المنطلقات,
ولها أيضا نفس الغايات
تريد التغييرالمعرف
بالألف واللام
لا أشباه التغيير التى
لاكتها مرارا وتكرارا
ثم كان حتما أن تلفظها
لأنها جيف تضر ولا تنفع
تريد الخروج من دوامة
الأكاذيب والأضاليل
وهى معصوبة الأعين
كحمار الطاحون
تريد تغييرا جوهريا
حقيقيا
تتحسس فيه العيون بشائر النور
وتتلمس فيه القلوب
معالم الخير...
000
توقفت أفكاري عن البوح
والإنسياب
رجعت إلى القفص الرهيب
وتجمدت كما يتجمد الدب الأبيض على الصقيع
أدركت أن الغول قد
استيقظ من نومه العميق
كالبركان ينفث حممه
داخل كياني
يزلزل فرائصي
ويقطع
أوصالي
أشعر بشاشة الحاسوب
تبتعد عني
وترتفع إلى سقف بيتي
وتهوى فجأة على أم
رأسي
الذى يؤزه الألم أزا
ربي رحماك...يا مغيث
أدعوك بما دعا به عبدك
أيوب
وأنت أرحم الراحمين.
حامد البشير المكي
ماي 2011
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire