الأصالة والمعاصرة
هى وجهة نظر قابلة لأكثر من رأى
ولكنها حقا ظاهرة نراها رؤية العين تنتشر داخل المجتمع
عموديا من حيث المراحل العمرية
وأفقيا من حيث الفوارق الإجتماعية
000
معذرة لإستعمال ألفاظ أعجمية
للقدح فى الظاهرة
الوصف لا يقصد أي شخص بعينه
000
غريب أمر هذا المجتمع الذى فتحنا أعيننا فيه
وتأثرنا
بعاداته وتقاليده وطقوسه وسلوكياته
غريب في محاسنه لأن له محاسن لا تنكر
وغريب في مساوئه لأن له مساوئ لا تحجب
غريب في تعلقاته بالماضى البعيد والقريب
يظهر هذا جليا
في مراسم الزفاف والعقيقة والوفاة
يظهر كذلك داخل المسجد
سيما فى صلاة الجمعة وصلاة العيد
وغريب هذا المجتمع في تطلعاته إلى الحداثة
والأساليب
التى يعتمدها لنقل الحداثة من الغرب
وكيف يعمل على عجنها ودلكها وصوغها
حسب ما يراه مناسبا
لهواه
أتذكرهنا قول عبد القادر المازني
صديق عباس محمود
العقاد
حيث قال بأسلوبه الأدبي الساخر
عندما وصف الرجل المصري
وتقليده للغرب فى لباسه
وأنقل
ما معناه
عجبا للرجل الشرقي كيف استولت عليه الحداثة
من رجليه
أولا حيث لبس الحذاء الغربي
ثم بدأت تصعد عبر قامته إلى أن وصلت جبهته فتوقفت
حيث احتفظ بطربوشه وصاح فى وجه العالم
هوه يا ناس طربوشي يدل على أصالتي
انتهى كلام المازني بتصرف
فما أزال أرى فى الشارع بعض الرجال وخاصة الشباب منهم
يتزيون بالزى الغربي
باستثناء الرأس والقدمين
إذ يضعون على رأسهم طقية
وعلى
رجلهم الحذاء التقليدي
بل هناك من الغرابة ما يرفع من ضغطك الدموي
ترى الشاب بل والمراهق أيضا يلبس بدلة نوم
يخرج من بيته ويجلس فى المقهى ولا يكثرت بما يدور حوله
وما بالك فى من يخرج إلى الشارع مرتديا فيستون من الجلد الأسود
وتحته قميص نوم وعلى رأسه كاسكيت وعلى رجله باسكيت
ومما أدهشني ذات يوم أسرة من أبوين وفتى وفتاة
الأب يرتدى لباسا تتوفر فيه كل مواصفات السمت العربي
الإسلامي
والأم كذلك محتجبة ولباسها فى كامل الإحترام والوقار
لكن الغريب هو لباس الفتى آخر موضة شباب الكليبات الأميريكية
والفتاة شبه عارية لايغطى جسمها إلا قطعتين صغيرتين من
ثوب شفاف
وشعر الفتاة كالمزهرية متعدد الألوان والتشكيلة
اليمنى
مختلفة عن التشكيلة اليسرى
فلا حول ولا قوة إلا بالله
أوشكت أن أصيح فى وجه الرجل يا هذا هل حقا الفتى
والفتاة من أهلك
ويمكنك التجول فى كل أرجاء وطني طولا وعرضا
وأعدك بالمفاجآت تلو المفاجآت من هذا الطبخ العجيب
للحداثة
وكيف تعددت مظاهرها وأشكالها بتعدد الأهواء والنحل
هذا من حيث السمت واللباس
أما حداثة الجهاز الهضمي فتأخذك الحيرة
أمام الأطباق
الوافدة من كل أنحاء العالم
بدعوى أن العالم أصبح قرية صغيرة
إضافة أن شرائح من بني جلدتي لايتناولون
إلا الوجبات
الخاضعة لحسابات دقيقة
من حيث كمية النشويات والدهنيات
وذلك للحفاض على الرشاقة واللياقة
امتثالا لتوجيهات
المجلات المتخصصة فى هذا الشأن
مثل روتانا وسيدتي وسيتادين وغيرها المنشورة على
الأكشاك
بل وتقذف بها الفضائيات ليل نهار داعية المشاهدين
والمشاهدات الأوفياء
على الحفاظ على الكنز الثمين الذى لا يعوض
ألا وهو الجسم الذى يجب أن يحظى بالعناية الفائقة
لكي لا يصاب بالذبول ويتساقط كأوراق الخريف قبل العاصفة
ثم إن المشهد الإجتماعي غزته شبكات من نوع آخر
هى قاعات الرياضة المتخصصة
فى إصلاح ما أعطبته الآفات
من مرض وعطب وإهمال وغيرها
وكذلك هيمنة مصحات التجميل
التى تعد العجوز بمعجزة
تردها إلى زاهر عهدها
فتصبح جارية فاتنة تأخذ بلب الفتيان
وكأننا نعيش إحدى فصول ألف ليلة وليلة فى سالف الأزمان
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
يسبق الدجال دجاجيل
أو كما قيل
أو كما قيل
أين هى الأصالة وأين هى المعاصرة؟
لنا لقاء إن شاء الله تعالى
فى جولة لاحقة من هذه الظاهرة المضحكة المبكية
بقلم حامد البشير
يوليوز 2009
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire